0
أفريقيا .. صراع فكري غاب عنه العرب يحيي البوليني







ما أن وطئت أقدام احمدي نجاد الرئيس الإيراني الأراضي الأفريقية إلا وأعادت تلك الزيارة للأذهان هذه القارة المترامية الأطراف المليئة بالخيرات الطبيعية إلى الظهور - مرة أخرى - كحلبة صراع ومجال لتنافس الكبار على الاستفادة من خيراتها ولإحكام السيطرة على مواردها الكثيرة والمتعددة والمتنوعة والتي لم يستطع أبناؤها حسن استغلالها .
فكما كانت أفريقيا في الماضي حلبة صراع سياسي وعسكري بين الأوروبيين ثم الأمريكان , أضحت اليوم حلبة صراع فكري وسياسي لكل القوي في القارات الأخرى من الصين شرقا إلى الأمريكتين غربا مرورا بالقارة الأوروبية التي يصعب أن تغيب عن المشهد الأفريقي .
وبالطبع لم تغب أفريقيا عن ذهن بعض القوى الأخرى التي تتحرك بأيدلوجيات فكرية بالإضافة للطمع الاقتصادي , والتي تريد بسط هيمنتها الفكرية وتسعى لتكوين الأحلاف الاستراتيجية , ولا يمنعها ذلك أيضا من الاستفادة المادية الكبيرة من أفريقيا كمورد للمواد الخام وكسوق لتصريف المنتجات .
وفي غياب واضح وملموس ومؤلم لأصحاب التوجه الإسلامي السني الذي لا يتحرك غالبا في أفريقيا إلا بجهود فردية غير منظمة ولا منسقة , تحركت القوى الأخرى في ساحة خالية , فمنذ فترة طويلة تحركت دولة الكيان الصهيوني منفردة جاعلة من أفريقيا ملعبا خاصا بها تدبر فيه المكائد وتستغل الثروات وتكسب الصداقات وتوجه الأفكار وتعمل لصالحها بالإضرار بالدول العربية والإسلامية التي ترى إسرائيل أن في قوتهم تهديدا لكيانهم الصهيوني الغاصب والمحتل .
وقبل عدة سنوات بعد الثورة الإيرانية وفي غفلة أيضا من العرب والمسلمين تحركت إيران مستغلة كل ما تملك من خبرات وإمكانات وثروات في التغلغل في العمق الأفريقي دون ارتباط بقيد أو حدود ... كما سبق وأعلن نجاد قبل سنتين في نيويورك أنه لا يرى أي حدود لتوسيع علاقات إيران مع الدول الأفريقية .
وفي العام 2010 فقط تمت هناك أكثر من عشرين زيارة لمسئولين إيرانيين لأفريقيا في مستويات وزارية – على الأقل – وتم فيها عقد الشراكات والتحالفات الدولية والصفقات التجارية والمشاريع الصناعية للربط بينها وبين تلك الدول لضمان وإحكام السيطرة عليها .
وكان من الثمرات الاقتصادية لهذا التعاون إقامة مصنع خودرو الإيراني لتجميع سيارات الأجرة في منطقة قريب تييس بالعاصمة السنغالية داكار , والتعاقد أيضا على تصنيع الجرارات ومصفاة لتكرير النفط ومصنع للمواد الكيميائية كما تم الاتفاق على توريد نفط إيراني للسنغال بأثمان رخيصة , ولهذا دفع ذلك السخاء الإيراني الرئيس السنغالي لزيارة إيران أربع مرات متتالية معلنا حق إيران في امتلاك المفاعل النووي .
وكذلك تمت زيارات متعددة لكل من مالي ونيجريا وموريتانيا والسودان وكينيا وزيمبابوي وجنوب أفريقيا وغيرها في زيارات متتالية من نجاد ووزرائه ليؤكدوا دخول إيران إلى الساحة الأفريقية وبقوة شديدة وبصورة أسرع مما كان يتخيل البعض مستغلين في ذلك المظهر الإسلامي الذي يخدعون به بسطاء المسلمين الذين يرونهم أحق بحسن الاستقبال والتعاون من الدول الأوروبية أو أمريكا وإسرائيل .
وظهر لهذه الزيارات غايات أيدلوجية عقدية وخاصة في التبشير بالمذهب الشيعي , ففي كل خطوة يخطوها الإيرانيون هناك يجدون تربة صالحة لبذر أفكارهم الشيعية الخبيثة التي يدعمها بقوة وجود جماعات متصوفة قائمة على الخرافات والتي تعتبر المقدمة التمهيدية لتحول المسلمين السنة هناك إلى كثافة شيعية , ويزيد الأمر صعوبة أن أفريقيا لا تزال تمتلئ بعبدة للأوثان يتم استقطابهم لمن يوفر لهم الغذاء والكساء والدواء , وإذا دخلوا هؤلاء الوثنيون الإسلام ولم يعلموا عنه سوى المذهب الشيعي فلن يخرجوا عنه أبدا وخاصة أن العقيدة الشيعية فيها الكثير من المظاهر الوثنية وفيها الانفلات الأخلاقي الكثير وخاصة في أمور النساء .
فعل تنتظر الدول العربية السنية أن يخرج عليها مارد شيعي من جنوب القارة الأفريقية ويحاصرون بيه من الشمال والجنوب وهم لا يرقبون في المسلمين السنة إلا ولا ذمة ؟!
أم هل يظنون أنهم لمجرد ما يفعلونه في أوطانهم من إرسال التبرعات العينية والنقدية – وقليل ما هم - أنهم قد أدوا واجباتهم أمام ربهم سبحانه وأنهم قد ساهموا في إنقاذ إخوانهم من خطر التشيع أو التنصير أو التهويد ؟!
وكل الجهود التي تبذل في القارة الأفريقية من الجانب السني المسلم تُبذل في إطار الحملات الإغاثية وهي جهود لا تزال جهود شخصية وقليلة , وأن الخيار الوحيد الحالي في تدخل المسلمين السنة بصورة رسمية دولية ومنظمة وهادفة وواعية يكمن حاليا في الإدارة التركية التي تحاول التقرب من أفريقيا فعقدت مؤتمرا في مدينة اسطنبول للقمة التركية الأفريقية وحضرته قرابة خمسين دولة افريقية لمناقشة أوجه التعاون بينهما والتي أثمرت عن وثيقة للشراكة التركية-الإفريقية والتعاون في مجالات الأمن والسلم، والزراعة والتنمية الريفية، وإدارة الموارد المائية، والمقاولات، والصناعة، والصحة، والبيئة، والطاقة، والنقل، والثقافة والتعليم والتدريب، ووسائل الإعلام والاتصال وغير ذلك من المجالات .
إن أفريقيا التي تمتلك الكثير من الثروات المادية والبشرية تمتلك اليوم أيضا أكثر من 54 صوتا في الأمم المتحدة من إجمالي 154 صوتا , لتعتبر مجالا كبيرا للصراع الثلاثي الجديد ( تركيا – إيران – إسرائيل ) الذي يضاف إلى العديد من الأطراف الأخرى المتصارعة على النفوذ والمكانة في سباق خرج منه اللاعب الأهم والرقم الصعب وهم العرب والمؤسسات الدينية السنية التي لو دخلت ساحة الصراع فلن تجد لها منافسا ..
فهل من متحرك قبل فوات الأوان
مركز التاصيل 

0 التعليقات:

إرسال تعليق

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

 
تعريب وتطوير مدونة الفوتوشوب للعرب
المسلمون في العالم © 2011 | عودة الى الاعلى
Designed by Chica Blogger