0
جزر المالديف , تحتاج للمسلمين أم يحتاجون هم إليها ؟ يحيي البوليني









قد لا يعرف عدد كبير من المسلمين كثيرا عن جزر المالديف , وقد يُفاجأ الكثير بأنهم أمام دويلة إسلامية راقية , فيها من مظاهر الرقي الخلقي والسلوكي والعلمي الكثير , وفيها الكثير مما يحب أن يراه المسلم في بلاده من احترام الدين الإسلامي وتقديم أحكامه ونصوصه على أية نصوص , ويرى تقديرا كبيرا للعلم والعلماء الذين ينالون مكانة خاصة عند أهل هذه الجزر .
نبذة عامة :
جزر المالديف : جزر صغيرة تقع في قارة آسيا في المحيط الهندي ، وهي دولة مسلمة حيث أن كل سكانها مسلمون ، ويمر عليها خط الاستواء جنوبا يقدر عددها بحوالي 1190 جزيرة صغيرة , بينما المأهول منها مائتا جزيرة فقط , اسمها الرسمي ديفي راجي (Maale Dhivehi Raajje ) (جمهورية المالديف) , حكمتها بريطانيا 78 سنة وجعلتها محمية بريطانية ، واستقلت المالديف عنها في عام 1965م ، وعاصمتها " ماليه "
السكان والديانة :
يبلغ عدد سكانها 309 ألف نسمة ينحدر معظمهم من أصول هندية وسيرلانكية , ولا يوجد في جزر المالديف ديانتان , فالإسلام وحده هو ديانة كل مواطنيها , وبالتالي فالمالديف من الأماكن القليلة في العالم بعد الحرمين الشريفين التي لا تقع عيناك فيها إلا على مسلم .
دخول الإسلام :
عرفت المالديف الإسلام منذ بدايات القرن الخامس الهجري - كما ذكره الرحالة المسلم الكبير أبو عبد الله ابن بطوطة الطنجي على يد رجل مغربي يسمى بأبي البركات البربري كان حافظا للقرآن الكريم واستطاع بفضل الله سبحانه من نشر الإسلام في ربوعها ..
وتجاوب الشعب المالديفي كله مع دعوة الإسلام حكومة وشعبا , فاعتنق الملك " ماهاكا لامنجا " الإسلام وأطلق على نفسه اسم" محمد بن عبد الله" , وطلب من الدول الإسلامية قوافل لنشر الوعي الديني واللغة العربية بين سكان الجزر الأخرى .
وشعب المالديف متدين يحب الإسلام ويحرص على الآداب الإسلامية , فالسلوكيات الإسلامية تبدو واضحة للعيان على سطح الحياة العامة , فينتشر الحجاب وتغلق المطاعم نهارا في شهر رمضان , وتنقطع الحياة عن الصخب عند الإفطار , ولا يمكن لأحد المجاهرة بالفطر فيه , ويحترمون الأذان ويقبلون على المساجد ويهتمون بمشاهدة البرامج الإسلامية .
ومنذ عدة أيام وفي رأس السنة الميلادية علق أصحاب أحد المطاعم زينة لعيد الميلاد – كما يحدث في كثير من دولنا الإسلامية – فتجمع الناس وتظاهروا ضد وجود مثل هذا الطقس المخالف لدينهم , واستجوب الموظفون عن هذا الفعل في الشرطة , وأزيلت تلك الزينة سريعا قبل تجمع عدد أكبر من الناس , وقدم المطعم اعتذارا عن ذلك , كما انتقدت هذا الفعل مجموعات وأحزاب دينية من أعضاء في الائتلاف الحكومي للرئيس المالديفي محمد ناشد.
اللغة الرسمية :
نتج عن اختلاط الشعب المالديفي بالعرب والأفارقة انتشار لغات متعددة مثل لغة "الايلو" واللغة "السنهالية" واللغة "السنسكريتية" وقد تأثرت كل هذه اللغات باللغة العربية باعتبارها لغة القرآن الكريم , وأصبحت اللغة العربية عي اللغة التي يتحدث بها غالبية السكان , ولكن اللغة الرسمية هي لغة الديفيهي التي تحوي الكثير من المفردات العربية وبعض الكلمات الفارسية مع عدد قليل مقتبس من الكلمات في اللغات المتداولة في قارة آسيا .
وأصبحت اللغة الديفيهية لغة التدريس في جميع المدارس واستخدمت الأبجدية العربية في التدوين وذلك منذ زمن طويل يرجع إلى عام 548 هجرية.
المالديف والتعريب الشامل :
بدأت المالديف خطواتها نحو التعريب منذ استقلالها في عام 1965ميلادية  ودعمتها في ذلك عدد من الدول العربية - وفي مقدمتها السعودية ومصر- عن طريق تخصيص بعض المنح الدراسية لأبناء المالديف لدراسة علوم الإسلام واللغة العربية بالجامعات الإسلامية في المدينة المنورة وفي الأزهر الشريف , وبهذا أصبحت اللغة العربية لغة الصفوة التي يحب الكثير أن يتعلمها وينطق بها وذلك بعد التوسع في إنشاء المدارس الإسلامية والعربية في جميع الجزر , وساعدهم ويسر لهم تعلمها إقبالهم على حفظ وتلاوة القرآن الكريم حينما أنشئت عدة مدارس قرآنية يدرّس فيها القرآن الكريم وعلومه .
الدستور والشريعة :
اختص دستور المالديف على نصوص لم تصل إليها أغلب الدول الإسلامية , فينص بحسب المادة التاسعة فيه على أن المواطنين يجب أن يكونوا جميعا مسلمين، ولا يمكن لأي غير مسلم أن يصبح مواطنًا مالديفيا ,  وتنص المادة الثانية فيه على أن الجمهورية مؤسسة على مبادئ الإسلام , وتنص المادة العاشرة  على أنه لن يطبق أي قانون في المستقبل يضاد مبادئ الإسلام , وتنص المادة التاسعة عشرة على أن المواطنين أحرار في أن يشاركوا أو يمارسوا أي نشاط بشرط ألا يكون محرما في الشريعة الإسلامية .
وأحكام الشريعة الإسلامية ليست نصوصا فقط في الدستور , بل مطبّقة في المالديف في الكثير من المجالات , خاصة في الأحوال الشخصية من زواج وطلاق ومواريث , وجميع الحدود مطبقة فيما عدا حدي الرجم وقطع يد السارق , وجميع المحاكم في المالديف تُصدر أحكامها وفقًا للشريعة الإسلامية .
كما توجد هيئة عليا لمراقبة التطبيق الصحيح لأحكام الشرع الإسلامي في جميع المحاكم وهي المحكمة العليا في المالديف التي أُنشئت في عام 1980 الميلادي , ومهمتها الأساسية مراجعة كل القوانين التي تصدر عن البرلمان للتأكد من مطابقة هذه القوانين لأحكام الشريعة الإسلامية .
إيقاظ الحس الإسلامي :
لقلة الإمكانيات ولغياب كثير من المؤسسات الإسلامية من كافة بقاع العالم الإسلامي عن إخوانهم المسلمين في المالديف , تأخرت خطوات احتاجها المسلم المالديفي كثيرا , فقامت منذ فترة قريبة جدا لجنة من العلماء المالديفيين بإنجاز أول ترجمة صحيحة لمعاني القرآن الكريم باللغة "الديفيهية" التي يتحدث بها المسلمون هناك , وتمت طباعة هذه الترجمة لتوزيعها على المسلمين في كافة جزر المالديف الذي أحبوا القرآن واشتاقوا كثيرا لمعرفة معانيه , وبنيت الكثير من المدارس الإسلامية وخاصة بعد أن دمر أغلبها إعصار تسونامي في عام 2004 بعد زلزال المحيط الهندي الذي لم تنج من فيضاناته إلا تسعة جزر فقط ,  فقامت وزارة التعليم بإنشاء أكثر من مدرسة في كل جزيرة من هذه الجزر المأهولة بالسكان لتربية النشء المسلم تربية إسلامية صحيحة .
محو الأمية الإنجاز الحضاري :
وضع علماء المالديف بالتعاون مع الجهات الرسمية هدفا قوميا وهو القضاء على الأمية فيها , فأنشأت الحكومة العديد من المدارس في كل الجزر  وقام العلماء المهتمون بالتعاون في القضاء على هذه الآفة المجتمعية التي لم تتخلص منها شعوب كثيرة للآن , فتمت محاصرتها وتضييق مسالكها وذلك بنشر التعليم وبتحفيظ القرآن الكريم , حتى بلغت نسبة المتعلمين فيها أكثر من 97 في المائة من إجمالي عدد السكان ,وبإذن الله خلال مدة يسيرة يستطيعون القول في المالديف أنه لا يوجد بينهم من يجهل القراءة والكتابة ولا يوجد بينهم من لا يستطيع أن يقرأ في كتاب الله بنفسه .
الجامعة الإسلامية
بعد أن عاد المبتعثون إلى المالديف يحملون علمهم الذي حملوه من أعرق الجامعات الإسلامية أسسوا عدة كليات إسلامية في بلدهم , ففي عام 1980 بدأت الفكرة بتأسيس معهد الدراسات الإسلامية لتخريج الدعاة والمعلمين اللازمين للعمل بالمساجد والمدارس ولتدريس علوم الإسلام واللغة العربية ولتحفيظ القرآن الكريم وتفسيره ولتيسير فهم الفقه الإسلامي والشريعة الإسلامية , ثم نبذت البذرة الصالحة وتأسست كليتان شرعيتان , وهما كلية الشريعة وكلية الدراسات الإسلامية , وقد ضمتهما الجامعة الوطنية مؤخرا , ويستهدفون إقامة جامعة إسلامية كبرى تنشر خيرها على دول منطقة المحيط الهندي كله .
وقام ذلك الخير بدعم مالي مسلم وخاصة من السعودية – ولا تزال المالديف تحتاج للمزيد – وأوفد الأزهر بعثات تعليمية كمعلمين في معهد الدراسات الإسلامية للمساهمة في تخريج الدعاة والمعلمين ولدعم مسيرة التعليم الإسلامي والعربي في المالديف .
سياحة بلا ابتذال ولا تنازل
وتعد السياحة مصدر الدخل الرئيسي للسكان بعد تأخر المورد الأول السابق وهو الصيد للمرتبة الثانية , ولكن السياحة في المالديف من أنجح سياحات العالم , ولهذا تعد مضرب المثل لمن يخشون على مصدر أرزاقهم ممن يعيشون على السياحة في الدول العربية إن جاء الحديث عن عدم الابتذال وعدم التنازل في كسبهم لقوتهم .
فالسياحة في المالديف منذ أن بدأت في عام 1972 لا تقوم على الخمور ولا على إشاعة الفواحش ويُمنع تقديم الخمور للسياح , ويُلزم السائح باحترام قوانين البلاد الإسلامية , فلا يوجد عُري ولا خروج على الآداب العامة وذلك منذ أن أصدر قاضي قضاة المالديف فتوى حظرت على السائحين الخروج عن الآداب الإسلامية .
وقد خصصوا للسياح أربعة وثمانين جزيرة منعزلة للسياحة فقط لا يستطيع السائح أن يذهب إلى الجزر المأهولة بالسكان المسلمين إلا ويلتزم بالآداب الإسلامية ولا يسمح له ولا لغيره بإظهار الإفطار في نهار رمضان .
ورغم ذلك انتعشت السياحة كثيرا ووصل عدد السائحين الزائرين للمالديف عام 2007 ميلادية أكثر من ثمانية مليون سائح , وهو رغم ضخم بالمقارنة أصلا بعدد السكان الذين لا يزيدون عن ثلاثمائة ألف .
حاجاتهم ومتطلباتهم :
شعب المالديف شعب مسلم سني يحتاج من المسلمين الكثير , لا يحتاج لمالهم بقدر ما يحتاج لعلمهم , يحتاج لمشاريعهم الدعوية ويرحبون بأي هيئة أو منظمة إسلامية تود أن تساهم في نشر الخير بجهد أو بمال أو بعلماء , والفرصة متاحة والحالة السياسية مستقرة داعمة للمسلمين والشريعة مظلة تحمي الجميع .
- يحتاجون للدورات العلمية الدائمة أو المكثفة التي يجب أن توجه بالأخص لمدرسي العلوم الشرعية ولخطباء المساجد وللدعاة ولطلبة كلية الدراسات الإسلامية الذين سيساهمون في نقل هذا الخير للناس وهم يفهمون العربية جيدا فلن يحتاجوا لبذل جهد شديد في توصيل العلم الشرعي لهم
- يحتاجون لترجمة أمهات الكتب الإسلامية لهم بلغتهم فلا يوجد أي مرجع مترجم في الفقه الشافعي – السائد هناك – وكذلك لا توجد ترجمة لتفسير واحد للقرآن الكريم ولم يترجم الصحيحان , والسبب في ذلك مادي خالص لان الإمكانيات البشرية والعلمية موجودة فيوجد الكثيرون ممن يتقنوا اللغة العربية ولغتهم المحلية ولكن يحتاجون للدعم المادي للتفرغ لترجمة ومراجعة هذه الكتب التي ستعود بالنفع الكثير وسيكتب أجرها لمن ساهم فيها بإذن الله .
- لا توجد قناة تليفزيونية إسلامية ودعوية تنطق بلغتهم فهل يتطوع من المسلمين المقدرين فرادى أو جماعات في إنشاء قناة دعوية تنطق بلسانهم ؟ أو حتى تخاطب السياح الذين يقتربون من ثلاثمائة ألف سائح يأتون شهريا إلى المالديف .
وهل يمكن لمن يساهم في قنوات تملأ الفضاء صخبا وضجيجا ولهوا أن يوجهوا ولو قناة واحدة دعوية لهؤلاء لعلها تكون شافعة لهم عند ربهم كما قال ربنا سبحانه " إن الحسنات يذهبن السيئات " ؟
- وهل يطمع المسلمون أن يكون هناك فرع لجامعة إسلامية عريقة - مثل جامعات مصر والسعودية وماليزيا وقطر وغيرها - بإنشاء فرع لها في المالديف ليعم خيرها جنوب المحيط الهندي كله .
كلمة اخيرة
لكون المالديف دولة إسلامية لا تقدم الفواحش ولا الخمور شن الصحفي والنائب البرلماني الإيطالي "ريناتوفارينا" – بمساندة نائب رئيس التحرير السابق لجريدة "ليبرو" - حربا عليها تنطلق من مواقف دينية ، فتقدم بطلب للبرلمان يمنع الإيطاليين من السفر إلى جزر "المالديف , وأوضح النائب أن دعوته تلك ليست من أجل الأزمة الاقتصادية التي تمر بها بلاده , بل لأن هذه الجزر لا تعترف إلا بالإسلام وهو دينها الرسمي والوحيد !!!!!
فأين المسلمون من ذلك ؟؟؟
 مصادر التقرير
1- المالديف دولة مسلمة..هل نسيناها؟ فضيلة الأستاذ: إبراهيم رشيد موسى عميد كلية الدراسات الإسلامية، بجمهورية المالديف على موقع إسلام ويب
2- رسالة من المالديف .. إلى أصحاب الهم الدعوي ... مع التحية , د. محمود بن محمد المختار الشنقيطي , على موقع صيد الفوائد 
3- حوار مع الشيخ محمد رشيد إبراهيم رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية ورئيس المحكمة العليا في المالديف على موقع صحيفة الجزيرة السعودية

0 التعليقات:

إرسال تعليق

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

 
تعريب وتطوير مدونة الفوتوشوب للعرب
المسلمون في العالم © 2011 | عودة الى الاعلى
Designed by Chica Blogger